الأحد، 26 يوليو 2009

عندما يكون لإنتماء معنى !!



(( المفتي أفتى بغير علم ولا هدى ))...
لا يكون لك انتماءٌ للوطن إلا بمحبتك لمسقط رأسك ... ولا نعرف معنى آخر للوطنية إن لم يكن لك تعلق بتلك الأرض التي عانقت معك مهد الطفولة وأنت في عمر الزهور ..
تلك الأرض التي عاشت معك ربيع حياتك و تفاعلت مع كل أحداثها .. لترسم في ذاكرتك لحظات لا تُنسى ، قد تكون جميلة أو قد تكون عكس ذلك ... ومع ذلك ترى في استعراضها في مخيلتك شيئا من روعة الزمن الجميل واستحضارًا لعبق الماضي الأصيل .. هي إذًا تلك الأرض التي نكره من أجلها ونحب من أجلها .. بل و نعادي أيضا من أجلها .. وندفع بالمال والنفس والولد ذودا عن حماها من أن تستبيحها أية قوة في الأرض أرادت انتهاك حرماتها ..

كل ذلك و أنا أتحدث إليكم عن ماذا تعني مسقط الرأس .. وما هو الانتماء؟؟ ولكنكم لم تعرفوا أن تلك المعاني السامية تتجلّى وبوضوح عندما يكون حديثنا عن مدينة الأدب والثقافة وعاصمة الشعر الشعبي ومنارة الجهاد المقدس .. إنها مدينة اجدابيا الأبيّة ذات الوهج الرائع ؛ وما تزخر به سماؤها من نجوم الفن والأدب و أبطال التاريخ والجهاد ونخوة العروبة والشهامة الإسلامية في قلوب أهلها الطيبين .. فضلا على ما تحمل هذه المدينة من دلالة ومعنى عند كل الكتّاب والمثقفين وحتى المؤرخين ...
و نحن إذ نقول ذلك لا نقصد انتقاصا من قدر أية مدينة أخرى.. ولكننا من واقع الانتماء ومن دافع الوفاء لهذه المدينة الكبيرة في العطاء كان لزاما علينا الدفاع عنها والذود عن حماها عندما يريد أي قلم التهجم عليها والطعن في قداسة هذه المدينة في قلوبنا ..فهي الروح وهي الجسد في آنٍ واحد ..
وبهذه المقدمة أردت التوجه إلى السيد الدكتور ( محمد محمد المفتي ) بعتاب ولوم شديدين عن سوء تقديره للأمور و خطئه الفادح في التعبير عن مقالة كتبها في صحيفة قورينا عنوانها ( أيام العجاج ) وذيَّلَها برأي صديق ساخر !!!( وكم السخرية تجرُّنا إلى أمور لا تُحمد عقباها ) عندما ارتأى عليه تغير اسم بنغازي باجدابيا لكثرة العجاج بمدينة بنغازي هذه الأيام !!وهنا لي وقفات كثيرة سأختصر أهمها إن وفّقنا المولى في ذلك /
1/ من دافع انتمائك أنت و صديقك لا يحق لكم ولو مزاحاً أن تغيروا اسم مدينتكم .. ولا ترضوا لها أيّ اسم من أيٍّ كان .. ولو أسماها الغير فردوس الدنيا .. فالاسم يا سيد : له دلالات في أرواحنا و معانٍ في ذاتنا .. لذا أقول لك ( ثبت العرش ثم أنقش ) ولا تلقِ الكلام على عواهنه ... فقد أردت تذييل مقالتك بسخرية تدغدغ بها مشاعر قرائك .. ولكنك وقعت في فخ حجة أقمتها على نفسك ... فقد برهنت سخريتك اللاذعة عن تذبذب انتمائك و سوء تقديرك للأمور !!
2/ من واقع ما تكلّمت عليه يا سيدي، أسألك بربك/ هل يعتبر " العجاج " نقيصة لأيَّة مدينة ؟؟ ( وهو ظاهرة طبيعية بقدرة الخالق سبحانه وتعالى ) .. و إن كان " العجاج " ما يميّز مدينة اجدابيا فهو مفخرة لنا ... لأننا وجدنا ما يُميّزها عن غيرها .. فقد تميزت لندن قبلنا بالضباب .. وعُرفت بعاصمته .. ومن منا يحب الضباب ..؟؟ أليس هو من يحجب ضوء الشمس دون أن تنعم الأرض بدفء الشمس الذي يبث فيه الأمل لتدبَّ في أوصالها الحياة مجددا ...؟؟ لماذا لم تتأثر بذلك ؟؟ بل هي الآن تحتل مكانة إحدى أمهات العواصم في العالم .. ما الذي يضيرها عندما تميزت بظاهرة طبيعية ؟؟ واجدابيا عندنا أفضل بكثير من لندن .. وسَمِّهامدينة " العجاج " ... لان هذه المُسمّى الذي أطلقه بعض المتشدقين أمثال صديقك لن يُنقص من مكانتها في قلوبنا .. ولن تُغيِّر من طبع ومروءة وشهامة أهلها .. ولن تُنقص من كرمهم وجودهم .. بل لن تذهب ببريق صدقهم و حسن تعاملهم و إخلاصهم ... فهم أبناء اجدابيا بماضيها العريق .. و هم أبناء الحاضر وجيل المستقبل .. هم تلك الأجيال المتعاقبة والتي ورثت الشهامة والمروءة وتشبعوا بها حتى النخاع ... فلن يضيرها تعليقٌ ساخرٌ منك أو من صديقك يا دكتورنا الفاضل !!!!
3/ لو تكلم غيرك يا سيادة المفتي : لكان لنا شأن آخر معه ويكفينا فيه قوله تعالى (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما .. )).. ولكن أن يسخر من اجدابيا دكتور ومتبحِّر في السياسة والأدب هو ما لا نسكت عنه ... ثم ألست أنت أحد أفراد الطاقم الطبي الذي زار دمشق و أردت التوجه منها إلى عمان أيام أيلول الأسود في سبعينيات القرن الماضي وماعانيته أيامها من تضحية وكفاح ؟؟؟ إن كنت هو محمداً ذاته فهذا يعني أنك تعرف للتضحية قدرها وللجهاد مكانته .. ومدينة اجدابيا - يا سيدي المحترم - كان التاريخ يومها شاهد عندما رفضت هي وحدها اتفاقيات عكرمة مع المستعمر الإنجليزي وكذلك معاهدة الزويتينة مع العدو الفاشستي .. ( وهذا ما لم تذكره مدونات التليسي وغيره لأسباب نجهلها !!! ) وكم عانت يا سيدي جرّاء ذلك من ويلات العدوان والدمار من المستعمرين .. ومرارات القطيعة والحصار من الليبيين ...
هي اجدابيا يا سيادة المفتي التي لم تهادن ولم ترضخ ولم تعرف يوماً ذلّ الاستسلام .. في حين أن ليبيا بأسرها وقَّعت اتفاقيات تهدية مع المستعمر البغيض.. ولكن اجدابيا آثرت يومها أن تدفع بأبنائها في معارك طاحنة مع الفاشست و أن يزج بقادتها في غياهب السجون الليبيية عقاباً لرفضهم أوامر القيادة العليا للجهاد المهادنة.. و كذالك لتعنّت قادة أدوارها أمام ترسانة الطليان العسكرية .. ألم تدفع يومها ضريبة من أبنائها في معارك "حيشان اجبيل واجدابيا وبير بلال والبريقة والسبط" وغيرها كثير .. ألم يُزجّ بقادتها في سجون جالو ويُحاكموا في محاكم عسكرية و يمثلوا أمام قاضٍ ليبي وادّعاء ليبي وجلاد ليبي ..!!
إنها اجدابيا الشموخ يا حضرة المفتي ... فكيف يخونك التعبير وتهزأ بمنارة الجهاد المقدس ... كيف سوّلت لك نفسك السخرية من مناخها وطقسها وهي ما عليه من مكانة في الجهاد والثقافة والأدب و كذلك عاصمة للشعر الشعبي بامتياز ... نسأل الله لك التريّث والثبات ..
ختاما / أدعوك يا دكتور محمد المفتي أن تراجع فتواك .. فقد أفتيت بغير علم .. وخانك التعبير .. فراجع نفسك واعتذر عن خطأك فإن الاعتذار ليس نقيصة للرجال بل من شيم الكرام.. وأدعوك لقراءة كتاب "مدينة من مدن الشمس" للكاتب مصطفى السعيطي حتى يتضح لك الحق جلياً وتعرف اجدابيا حق المعرفة .. إلى الملتقى ......
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موقع الإجدابي 2009-03-02

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق