الأحد، 26 يوليو 2009

قمم كغثاء السيل ..!!



ألا ترى معي أخي القارئ تعاقب القمم ( العربية ، العربية اللاتينية ، الدول العشرين ، الناتو ) في أيام قصيرة جداً ..

والأغرب تزامنها مع مطلع شهر أبريل و كذبته المؤرخ لها منذ القرن الخامس عشر ميلادي .. و لست بمؤمن بكذبة أبريل ولا مروجاً لعيدها الزائف !! حتى لا يعتقد البعض أنني مقلداً للغرب الكافر .. ولكن هذه الأجواء الدبلوماسية الرهيبة في هذا الوقت القصير أيقنت منها بأن لكذبة أبريل أصداء في أروقة صنع القرار في العالم ..

فقد عاشت كل القنوات الإخبارية في خمسة أيام متلاحقة تغطية مباشرة و قراءة إعلامية لذلك الحراك السياسي على مستوى قادة الدول في أغلب بلدان العالم .. فقد كانت البداية في دوحة السلام حيث دولة قطر وشيخها ( حمد بن خليفة ) صاحب جهود الوساطة في كل القضايا التي تعصف بين الفينة والأخرى بالمنطقة العربية مؤخراً .. فهناك عقد العرب قمتهم تحت عنوان كُتب باستحياء على شعار القمة .. ربما لم يتنبه له المشاهد العربي وإن رصدته قناة الجزيرة الإخبارية مرات عديدة .. هي أبيات قتلت قائلها !! إنها أبيات المتنبي الشهيرة ( الخيل والليل و البيداء تعرفني ** والسيف و الرمح و القرطاس والقلم ) أبيات قرأتها على محمل استعراض العضلات لقادتنا المؤتمرين في الدوحة و تهديد صريح إلى الكيان المتغلغل في سويداء قلوبنا ( فلسطين الجريحة ) .. ولعلها أبيات عابرة لم يقصد به المؤتمرون في الدوحة هذا المقصد الذي يراودني كثيراً في منامي .. وأقابله في صحوتي بقولي ( أضغاث أحلام ) ..

و لكن ( نتنياهو ) ربما قد قرأها مثلما قرأتها أنا في أحلام يقظتي ..!! و أخذها على محمل الجدّ، فعّمد على اختيار( ليبرمان ) ليرأس حقيبة الخارجية و ليكون بذلك على رأس الدبلوماسية الصهيونية مع العرب ، لعله بذلك يقضي على ما راودنا في منامنا و نحن نقرأ هذه الأبيات .. ( ليبرمان ) المعروف بقيصر يهود الروس .. والمشتبه بانتمائه لمافيا الروس أتى للخارجية من حزبه ( إسرائيل بيتنا ) القابع في عمق يمين اليمين المتطرف .. وقد عاش منذ نعومة أظفاره على قيام اتحاد السوفيت و دكتاتورية ( أستلين ) .. لم يخيب ( ليبرمان ) ظن من اختاره لتلك المهام !! فقدم للعرب هدية تليق بحجم قمتهم عندما أدلى بتصريحات نارية رفض من خلالها مقترحات أنابلويس الأمريكية .. في دليل صارخ بضربه عرض الحائط بالعرب ومبادرة استسلامهم وإن حدد لها المؤتمرون هناك جدولاً زمني لإخافة اليهود من تضييعهم فرصة الاستسلام هذه ..!! لقد أذهب عنا ( ليبرمان ) مشاعر الارتياح حول نتائج القمة وما سادها من روح الأخوة بالمصالحة الليبية السعودية ، و المبادرة الليبية لها .. التي بددت تلك الغيوم الملبدة لسماء العلاقات بين الشقيقتين منذ ست سنوات .. لقد أثلجت صدورنا تلك الخطوة الليبية الجريئة وعودة المياه بها إلى مجاريها ، مما يبعث الأمل بعودة الدفء إلى كل العلاقات العربية العربية..

ولكن ( نتيياهو ) لم يرد لفرحتنا أن تكتمل ، فكان منه ما كان غداة اختتام القمة هناك !!

ثم أتت القمة العربية اللاتينية والتي لم تختلف عن سابقتها ولم تكن هي أيضاً ( بوجهة نظري ) سوى منصة لإلقاء الخطابات الرنانة و الفارغة من محتواها .. فإذا كانت دول أمريكا اللاتينية لم تستطع أن تحرك ساكنا من كل مجريات الأحداث بالعالم سوى تنديد وشجب وقطع علاقات كما فعل ( تشافيز ) و التي لم تؤثر قيد أنملة في تلك المحرقة النازية .. و العرب أسوء حالاً منهم، فهم في سبات عميق منذ وقت ليس بالقريب .. فماذا سيجدي نفعاً التقاء الضعيف بالضعيف ؟؟

ثم أتت قمة الدول العشرين و أتى معها أحلام البائسين و المتضررين من الأزمة المالية التي افتعلها القادة و أرباب الأموال و أصابت الفقراء و الكادحين في كل أقطار العالم .. واختتمت أعمالها بضخ مئة مليار دولار لتعيد الحياة في المؤسسات المتوقفة بسبب الأزمة المفتعلة .. مبلغ ضخم سيدشن لبناء عالم آخر غير الذي نعيشه ..!!
و لكن هل سيكون الرجال عند وعودهم التي قطعوها ؟؟ فوعد الحر دينٌ عليه .. فهل سيفي الأحرار بوعودهم للعبيد ؟؟ و لكن الوعود ستبقى وعوداً مجرد حبرٍ على ورق .. و الورق سيظل حبيس أدراجه ردحاً من الزمن .. و هذا ما أيقنه الشارع البريطاني فأعلن عن كذبها و بطلانها ، و لم يترك دقيقة صمت واحدة ليناقش الساسة في عاصمة الضباب أزمتهم بهدوء وروية .. فأسرعوا بدورهم لالتقاط صورتهم الجماعية ، رافعين أكف الضراعة لعل الشارع يصدق شيء من كذبهم و تزييفهم ..

و كان الختام مسكا .. بتلك القمة التي أسميتها القمة ( العسكرية ) حيث أن كل أجندتها عسكرية و تكاد تغض الطرف عن الحراك السياسي والإنساني بين تلك الدول في الحلف وبين دول الحلف ومن خارجه ..!! فماذا سينتظر العالم من قمة هذا الحلف وهو يطفئ شمعته الستين و لم يجر للعالم من خلالها سوى ويلات الحروب والدمار ..؟؟

ألا توافقني الرأي أيها ( القارئ الكريم ) في أن تلك القمم كلها كغثاء السيل ؟؟ أم أن لك أملاً أكبر بكثيرٍ وكثيرٍ جداً من أملي ، فترى في تلك القمم آمالا وطموحات لم يشاهدها عقلي بقصر نظره و محدودية فكره ..و أنا أيضاً لا أكره ما تراه يا سيدي و لكنه بعيد المنال ....!!!



موقع الإجدابي 2009-04-08

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق