الأحد، 26 يوليو 2009

غزة لن تنكسر ( قراءة في الردود العربية )



عذراً سيدي القارئ / فلن أسهب في مقالتي هذه الحديث عن المجازر التي تقترفها آلة الحرب الصهيونية في حق أبناء القطاع العُزل والمحاصرين منذ وقت ليس بقريب .. شعب صامد ذاق الآمرين في حروبه المتلاحقة والغير متكافئة منذ عام 1948 وحتى حرب الإبادة الجماعية التي نعيش أوارها في هذه الأيام .. و قد زاد الطين بلة و جعل الأمور تزداد سوءً ذالك الانقسام الفلسطيني المشين .. فقد جعل هذا الانقسام أبناء غزة بين مطرقة العدوان الصهيوني الجائر وسياسته في الإبادة الجماعية دون تميز بين حمساوي أو فتحاوي ولا حتى مواطن محايد لا يفقه في أبجدية السياسة شيئاً .. وسندان الصراع الفلسطيني الفلسطيني وسياسته في القمع والاعتقال وكذالك الاقتتال في أحايين كثيرة ..
وحتى لا أطيل الخيط تحسباً من إضاعة الإبرة عليكم وللعودة إلي ما عنونت به مقالتي أقول / إنني على يقين لا يشوبه كدر على أن ما تخطه يميني لا يسمن ولا يغني من جوع من مجريات الأحداث في غزة الصمود .. فإذا كانت بيانات القمم العربية وغير العربية وشجب مجلس الأمن ودول الاتحاد المغاربي والخليجي وحتى الأوربي لم تستطع لجم آلة الحرب الصهيوني فما عسى قلمي المتواضع أن يفعل سواء مزيد شجب وتنديد فوق ما تكلف به حكامنا في قممهم الطارئة بزعمهم ..!! ولا أدري ما هو الطارئ فيها وهي تنعقد بعد أسبوع من القتل والدمار في القطاع .. ولكن ربما نجحوا في انعقادها لإلقاء خطاباتهم الجوفاء وبياناتهم الرنانة والتي تعود الشارع العربي على سماعها منذ نكسة 1967 .. بل هناك أمراً أخر فقد تحولت حكوماتهم إلي منظمات إغاثة إنسانية على غرار( أنوروا )و الجمعيات الخيرية الأخرى .. فبدل أن تقاتل بجانب المرابطين في غزة نراها تسعى لعلاج جراحهم ودفن موتاهم بينما عمدت أخرى لقفل المعابر وتشديد المراقبة تحسباً لوصول الأسلحة إلي حماس فيذودون به عن الكرامة العربية المستباحة في غزة ..
ومع ذالك فلن أكون طامعاً في شجاعة قيادتنا العربية كثيراً فأطلب منهم ما لا يطيقونه .. بضرب تل أبيب مثلاً أو استهداف المصالح الإسرائيلية في بلداننا فنحن لسنا إرهابيين مثلهم !! ولكن هناك الكثير من الأوراق الرابحة في أيديهم غير الشجب و التنديد .. فهناك ورقة النفط وهي تلعب دوراً حاسماً في لملمت جراحنا الغائرة .. وخاصة و العالم يمر بأزمة مالية فما يكاد يخرج من معضلة حتى نوقعه في أزمة أعظم ثروة عرفها التاريخ .. و بذالك نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد .. فغير أن نضع حداً للمحرقة النازية في غزة الأبية نكون قد فرضنا وجودنا في المقاعد الأساسية للمجتمع الدولي بد ل مقاعد البدلاء أو بالأحرى المتفرجين ( إن جاز التعبير ) .. ونشكل بذالك قطباً فاعلاً في التحكم في مجريات الأحداث في العالم .. وتكون القاهرة عندها مقراً لمجلس الأمن و الأمم المتحدة .. وما أبعد ما ذهب إليه قلمي الحالم ..!!
أعذروني فما كان ذالك إلا أضغاث أحلام من عربي خلفت فيه الأحداث الأخيرة حُرقة في صدره و جُرح لن يندمل في قلبه وهو يتسمر أمام تلفازه الذي لم يعرف غير قناة الجزيرة منذ أكثر من أسبوعين يتحسر أحياناً ويبكي أحياناً أخرى .. فيولي وجه ذات اليمين وذات الشمال ليحيد قليلا عن التلفاز ولكن ما هي إلا لحظات حتى يرجع ليجلس أمامه مرة أخرى فيمتلئ حقداً وكُرهاً على بن صهيون ويسترجع شيء من الماضي لعله يطفئ به لهيب الغضب المتأجج في صدره فيجد في استذكار ماضيه ما يزيد من إيواره.. فما عساني أفعل ..!!
ومن خلال متابعتي لذالك ظهر و بشكلٍ مفاجئٍ بطل حرب تموز ( كما وصف نفسه ) وصاحب الامتداد الصفوي في بلاد الشام و أعني به أبن نصر الله ؛ الذي بدء خطابه في أحبائه ومريديه بالصراخ والجعجعة المعهودة عنه وهو يكيل الشتائم و الإتهام للأنظمة العربية والقيادة المصرية على وجه الخصوص ودعا المصريين للخروج بالملايين لتُرضخ قيادتها بفتح المعبر في غوغائية تعود بثها في بلاده عندما يريد تحقيق مراده..
أنني و في هذا المقام لست بمدافعٍ على سلوكيات القيادة في مصر .. ولا متعذرٍ على خطاب مبارك للأمة وهو يسرد الأعذار لغلقه المعبر لأن عذره في ذالك أقبح من غلقه للمعبر دون وصول المساعدات الإنسانية للقطاع .. ولكنني أتسأل أليس لحزب نصر الله صواريخ يضرب بها تل أبيب .. بل يصل مداها إلي حيفا وغيرها من المستوطنات اليهودية .. لماذا بدل أن يلوم مصر أو ينتقد القمة أن يرمي بهذه الصواريخ المطارات التي تقلع منها الطائرات الحربية لقتل الأطفال والنساء والشيوخ .. و لماذا لا يفي سيده نجاد بوعده بمحوي إسرائيل من خارطة العالم .. ما الذي ينتظره هو و آيته الخميني من بني صهيون .. أليس لديهم عابر القارات بل و أبعد من ذالك .. أم أنهم اكتفوا بالخطابات النارية وتوجيه أصابع الإتهام هنا وهناك وتحريض الرعية على الرعاة ليقع بعدها المحذور فنعض أصابع الندم حين لا ينفع الندم .. ثم يستطرد نصر الله في الحديث فيقول ( إن ما يحدث في غزة ما هي إلا نسخة مكربنة من حرب تموز 2006 ) مشيراً إلي هزيمة إسرائيل في تلك الحرب التي راح ضحيتها الآلاف من اللبنانيين ودُمرت صور و بعلبك وزهرة العواصم العربية ( بيروت ) .. فكم قُتل في تلك الحرب من اليهود ؟؟
سيدي القارئ ربما لا توفقني الرأي ولكن كنّ واقعياً و أحُكم بنفسك ولا تأخذك العاطفة كما أخذتني يومها و أن أصفق بحرارة لخطابات ( نصر الله ) و أرى في الوقت ذاته أبرياء قد دفنوا تحت أنقاد الضاحية الجنوبية وبيروت ..
وعودة إلي القممم العربية التي شجبها العقيد القذافي ليقينه من عدم نفعها .. ولن تضيف جديد في الموقف الإسرائيلي تجاه غزة وتصفية حماس .. و أنني توقعت ذالك منه و أيدته .. فلا مكان لليبيا في جامعة لا تستطيع أن تُجمع رأيها حتى على موعد انعقاد القمة .. فليبيا دورها أكبر من مجرد بيانات وخطابات .. ولا يخفى على أحد ما كابده الليبيون من أجل الوحدة العربية في حِقب مضت .. وهي الآن تترفع عن كل ذالك وتدخل مجلس الأمن من الباب الكبير .. وتطلبه للاجتماع فيجتمع .. و تعترض في مجلس الأمن متى شأت .. بل وتعدت ذالك لأن تُفشل قرارات أممية ضد المقاومة الفلسطينية و أضحت حجر عثرة في طريق من أراد أن يسير مجلس الأمن على هواه .. وأصبح لرأيها صدى أكبر في كل أصقاع العالم ..وتُستقبل بحفاوة في كل المحافل الدولية .. هاهي الخيمة الليبية تستقبل كل ساسة العالم وهم يتوافدون عليها تباعاً يستقون من معين أفكارنا ويخطبون ودّنا .. هكذا هي ليبيا وهذه هي مكانته في المجتمع الدولي ..
و حتى لا أتشعب كثيراً فأنني أطالب و في الختام من كل العرب أن لا يتخذوا موقفاً قبل قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل و التي تشهد دفئاً أكثر من علاقاتنا مع بعضنا و أعني بذالك مصر عبد الناصر و موريتانيا العروبة والمملكة الهاشمية في الأردن .. وفتح معبر رفح الذي لا يُفتح لا لعبور الأسمنت المصري إلي إسرائيل لتبني به جدارها العازل بينما تغلقه مصر بذرائع واهية .. لا هدف من ورائها سوى إرضاء( ليفني )التي اتخذت من أرض الكنانة منصة لقرع طبول الحرب على غزة في غير حياء منها و لا تمعُّر وجه من خارجية مصر وهي تستمع لتصريحاتها المخزية ، فماذا أريد أن أزيد .. فقد عجز قلمي على كتابة كل ما أريد .. أكتفي !!


صحيفة أخبار اجدابيا العدد ( 504 ) 06 / 01 / 2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق