الاثنين، 27 يوليو 2009

سنوات الضياع .. سلوكيات و تداعيات






سنوات الضياع .. دراما تركية مدبلجة إلي العربية تُبث أحداث مسلسله السيئ الصيت والأكثر رواجاً عربياً على شاشة mbc .. ولن أطيل الحديث عنه فقد أسهب كتّابنا في الصحف المحلية وعلى صفحات الشبكة العنكبوتية في الحديث عن عواصف الرذيلة التي أتت بها رياح سنوات الضياع .. وما حملته في طياتها من الهتك الفاضح لستار الحشمة .. وكذالك الشرخ عميق الذي أحدثته في جدران الحياء والتي لطالما كانت حصينة ضد إي رذيلة أرادت إختراقها لتلج إلي بيوتنا فتنخر في أعمدة أخلاقنا العتيدة ..
بيت القصيد / سوف أتحاشى الحديث عن ذالك لأخوض في التطورات على ساحة مجتمعنا العريق !! وتداعيات هذه الدراما عليه ..
فقد تأثر عشّاق الأدب الشعبي عندنا بشخصيات بهذه الدراما !! فجادت قريحتهم بتخليد أسمائهم في ذاكرة أدبنا الشعبي.. فتداولوا ( الغناوي والشتاوي ورؤوس الأبيات ) عبر الرسائل القصيرة في هواتفهم النقالة ..
أدبنا الشعبي الذي كان عصياً عن أي إختراقات تشوه من ملامحه البهية .. وتزعزع من مكانته الفتية .. فتحد من أداء دوره في التمسك بالمبادئ وزرع القيم والأخلاق النبيلة في قلوب عشّاقه ومتتبعيه ..
وقد إتسعت الهوة بين الأمة و أخلاقها عندما وضعنا صور هذه الشخصيات كخلفية لهواتفنا الجوالة .. و إخترنا أغاني المسلسل كنغمة لها .. ومن شدة ولعِنا به نسينا إقفال هواتفنا في صلاتنا و حتى ونحن نشيع موتانا ..!
كل ذالك غضضت الطرف عنه وقلت لنفسي / هي تأثيرات عرضية لأي مسلسل يلقى رواجاً في أوساط مجتمعنا .. ولكن ما لا يُسكت عنه هو أن يرسخ في أذهان أطفالنا شغف التعلق بهذا بشخصيات هذه الدراما .. لأن ما يتعلمه الطفل في الصغر كالنقش على الحجر .. فقبل أيام أستوقفت طفلاً لم يتجاوز السابعة من عمره .. فسألته مداعباً لأكشف عن أحلامه الوردية قائلاً / ماذا ستكون في المستقبل ؟ فأجاب يعفوية الطفولة وبراءتها ( سأكون مثل يحيى ) فكبرت وهللت و إجتاحتني نشوة من الدهشة والسرور .. معتقداً أن الصبي قد تأثر بسيرة النبي يحيى _ عليه السلام _ الذي كان باَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا .. ولكن ما لبث أن إنقشعت سُحُب هذه النشوة عندما استدركني صديق كان بجانبي قائلاً / أن المعني من كلام الصبي هو أحد شخصيات سنوات الضياع .. فتأوهت متنهداً / أوصلت الجرأة بمنتجي هذه المسلسلات الهابطة بأن يعلنوا عن الأهداف من ورائها ( والتي لطالما كانت خفية ) في عنواين إنتاجهم !!



ثم تسألت / أليس اللبيب بالإشارة يفهم ؟؟ ولكنني أستدركت بعدها أن أولو الألباب هم أنفسهم قد تعلقوا بها ! فكيف سيستقيم الظل والعود أعوج ؟
هذا ما كان إنطباع طفلٍ لم يتجاوز عمر الزهور .. ولكن ما لا يصدّقه عقل هو ما أذاعته قناة العربية الإخبارية نقلاً عن وكالة الأنباء السورية خبراً مفاده ( أن شاب سوري لم يتجاوز 17 ربيعاً أنتحر في إحدى قرى محافظة دير الزور (450 كلم شرق دمشق ) بعد تأثره بأحداث المسلسل التركي « سنوات الضياع » . ووجد الشاب معلقاً بحبل في منزل ذويه قبل أن يعثر في جيب بنطاله على رسالة بخط يده تؤكد أنه تأثر بمسلسل « سنوات الضياع »
لقد وقع الخبر على نفسي كالصاعقة .. شاباً يضيع شبابه ويقترف كبيرة عذابها شديد .. ومن أجل من ؟؟ من أجل دعاة الإنحلال والرذيلة .. أمور تدعو إلي السخرية !! حقاً أن شر البلية ما يضحك ..
السادة الكرام / هذه بعض النماذج من تأثر واقع مجتمعنا من ترهات سنوات الضياع .. وغير ذالك كثير .. مما لا يتسع المجال لحصرها .. ولكنني أجد سؤلاً يطرح نفسه .. كيف يروج أصحاب المحال التجارية لشخصيات سنوات الضياع بإطلاق أسمائهم على بضائعهم الكاسدة .. و الله تعالى يقول ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )
فهل أنتم مُنتهون ؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صحيفة أخبار اجدابيا العدد ( 486 ) 5 أغسطس 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق